الأحد، 9 مارس 2014

"مشاهد من فيلم يُعرض كثيرا" قصة للدكتورة هيام عبدالهادى





مشهد حزين
أمام النيل أسر إليها أن بينه وبين النيل عشقًا قديمًا
واعترفت له أن النيل معشوقها الأول.
تحاشت النظر في عينيه ومسحت النيل بنظراتها الحزينة
توقفت عند صخور تعترض مجري النيل .. قالت :
- انظر.الصخور مدببة وخطيرة
والنيل لا يحمل في جريانه إلا الحزن.
طلب منها في رقة أن تمحو النظرة الحزينة من عينيها فقلبه لا يتحمل حزنها .
لاحظ يدها – خلسة - تمسح دموع تسللت دون إرادتها.
وعدها لو توقفت دموعها وابتسمت سيحقق رغبتها القديمة ويقلع فورا عن التدخين .
فاجأته بدموع جديدة.
ارتعش وفاجأها بمنديل يجفف به دموعًا ترقرقت في عينيه .
توقف بعدها ليشعل سيجارة جديدة.

مشهد برئ
علي شاطئ البحر الواسع وبجوار الرواد القلائل سارا..
ينتظرها أن تشمر عن ساقيها ليرنو بخبث للمساحة الصغيرة العارية من قدميها وساقيها.
يشعران بالبرد ويحكي حكاياته المرحة الدافئة عن أصحابه ..
يضحكان من قلبيهما ويشع الدفء.
يخبرها بعد عدة مشاهد أنه كان يود أن يقبلها ويحتضنها أو يحيط خصرها بذراعه
لكنه خشي أن تذوب قطرات ماء بين ذراعيه
وتتبخر تاركة علي شفتيه ملوحة البحر.

مشهد رعب
أمواج البحيرة هائجة وتصفع السور بشدة وتنسكب داخل المقهي الصغير .
علي غير توقعهما الجو كان شديد البرودة.. ابتل حذاؤه وحذاؤها.
كانت تمني نفسها قبل اللقاء أنهما سيسبحان.
نظر في عينيها وقال " الآن فقط أدركت أنني لا أجيد السباحة ".
نظرت في عينيه ..أدركت أنها وصلت إلي منتصف البحيرة..
قالت لنفسها (( قدماي عالقتان والبحيرة عميقة )).
وقفت تتأمل الأمواج الهادرة وتنظر برعب إلي نهاية البحيرة ..
تنظر إلي لشاطئ خلفها بقلق ولا تستطيع العودة.

مشهد رومانسي
كان صامتا ..
حين استحثته أعطي ظهره للنيل والبحر والبحيرة علي غير توقعها وتكلم
قال أنه يحب النيل وهي نيله .
هي تشبه النيل تماما في ملامحها .. عطائها ..
غموضها..هدوئها وعذوبتها .
وهي مثل النيل بقلبه منذ الأزل.
يقول إنه الآن يحب نفسه ..
يكره الموت ويحب الحياة مثل أشياء كثيرة لم يكن يحبها من قبل.
يقول إنها البحر والشمس والقمر والمطر والجبل.
وهو يحب البحر والشمس والقمر والمطر والجبل.

مشهد يتكرر كثيرا
تتحدث معهم ..يجلس يتابعها ويبتلع غيرته صامتا..
لكنها تفتح كتاب عينيه وتقرأ.
تقرأ صوته في الهاتف ..
تعرفه من كلماته في رسائل الجوال .. التي خطها وما وراء السطور.
(( إنه الآن حزين .. عاشق .. سعيد .. مرهق .. مريض .. يشعر بالغيرة )).
وهو أيضا أصبح يجيد تماما قراءة عينيها .. صوتها.
حتي وهي تخفي قلقها أو حزنها بضحكات مفتعلة في الهاتف.
حين يشعر بأدني تغيير في صوتها يتحدث في قرار قاطع وصوت حازم :
-  سأراكِ غدا .

مشهد متوتر لن ترويه
قبله كانت قانعة تماما بحياتها التي كأمواج النيل الذي تعشقه ..
بطعم محايد .. هادئة لا تتحرك .. لا مد ولا جزر ..
علي الشاطئ تنتظرها دائما ألوان باهتة ووجوه بلا ملامح .
منذ عرفته يصلها هدير البحر ..تسمع أمواجه ليلا ..
يحتل كل الفراغات والمساحات يسكنها ..
تشعر بالمد عند لقائه والجزر عند غيرتها عليه. 
تري جمال البحر وصخبه في صوته
وتتذوق ملوحة البحر في غيابه.
منذ عرفته تشعر بالقلق وكثيرا ما تشعر بالتعاسة ..
غيوم كثيفة تظلل السماء وعيناها دائما شاردتان.
يسألها تقول إن العالم لا يتسع لهما.
كيف تمتزج عذوبة النيل مع ملوحة البحر
وهناك برزخ بينهما كيف يلتقيان ؟

مشهد من حلمه
يحلم بكفها الصغير يقبع في استكانة في حضن كفه..
يحلم بأن يحتويها في حضنه ..
يحلم أيضا بشفتيه وشفتيها..
يقبلها قبلة طويلة تجمع بين عذوبة النيل وصخب البحر ودفء الشمس وجمال القمر وهطول المطر ورسوخ الجبل.
وهو يعرض أحلامه تضحك معلقة أنها مجرد أحلام ..
لماذا لا يتدثر جيدا قبل أن ينام؟!

مشهد سينمائي
قاعة سينما في مدرسة ابتدائية ( هكذا ظنتها للوهلة الأولي )
وهي ليست علي النيل ولا تواجه بحرا ولا تجاور بحيرة .
رغم تطرف الطريق فلا توجد سيارات أو....أو .... أو مطاعم
لكنها شعرت معه بالأمان .
في اليوم التالي شكت جوعها الذي حرمها النوم.
وهو شكا أن الفيلم كان جادا جدا .. كئيبا جدا
حتي أنه لم يحتو علي مشهد ساخن أو بارد أو حتي قبلة واحدة.

مشهد من حلمها
تسأل صديقها " يا صديق ..أفتني في رؤياي ..
رأيت في المنام مخلوقا لا أعرف له سميا ولم أر قبله شبيها
يسير معي وليس من مصاحبته بد ..
المخلوق يهم بقضم يدي ولا قِبل لي بدفعه .
ثم رأيتك أيضا وقد ألقيت عليه شباكا
ومددت له حبلا يباعد بيني وبينه ويدفع الضر عني..
انظر ماذا تري ؟ "
قال الصديق " لا علم لي بتفسير الرؤي.. هي أضغاث أحلام. 
لكن انتظري أشم ريح ذلك الفتي الأسمر الذي يحب النيل والبحر والشمس والقمر والمطر والجبل
فاسأليه".

مشهد ربما يعاد
تمتد العين فلا تري إلا جبلا أو رملا أو حصى .
ورأيتنا نسير ولا نري إلا مخلوقات تسير علي بعد..
نلمحها لمح البرق الخاطف أو نسمع صوتها العابر .
تعاقب علينا النهار والليل والشتاء والصيف .
ورأيتك تقترب .....
ورأيتني تباعد بيننا الخطوات ويهزمنا الخوف.
(( يا ليتني ما فرطت في ...... ليتني ......... )).
مرت عدة مشاهد بعده لكن ......
 هلا أعدنا تصوير هذا المشهد مرة أخري ..
من زاوية أخري وبإخراج مختلف وبسيناريو آخر...
هل يمكننا؟

مشهد النهاية
تتراص المشاهد في علبة صغيرة مزركشة
 تعثر عليها طفلة ما زالت تتعثر في النطق تشدها ألوان العلبة الجذابة .
تخطو خطواتها الأولي دون تعثر وتقف علي أطراف أصابعها .
بعد عدة محاولات فاشلة تصل للعلبة تجذبها..
تسقط الصغيرة وتسقط العلبة معها .
تتدحرج المشاهد و تتبعثر
لم يكن النيل المشهد الأول ولا مشهد شاطئ البحر الثاني ولا البحيرة الثالث .
علي الضجة التي تثيرها الطفلة
 تأتي أخري تأخذ الصغيرة في حضنها وتمسح دموعها .
تأخذ العلبة من يد الصغيرة برفق وتعيدها إلي موضعها بإهمال
تتدحرج المشاهد من جديد ويأتي مشهد النهاية مبكرا جدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق