الاثنين، 3 مارس 2014

قراءة أولية فى المجموعة القصصية ( نصف حالة ) للأديبة ابتهال الشايب

كثيرا ما يختار القارئ / المتلقى بعض الروايات أو القصص أو اى عمل أدبى آخر ، وما أن يستهل فى

قراءتها حتى لا يكاد يوغل فى بعض سطورها فضلا عن صفحاتها حتى تنتابه حالة من الزهق والملل ،

وهو مايزال على شاطئ عالمها وكأن السطور التى يطالعها على صفحات هذا العمل الادبى وهى

المكونة من كلمات وجمل لغوية ما هى الا حوائط خرسانية تقف فى وجهه وتمنعه من التقدم ، وليس

لهذه الحالة من تفسير سوى الفقر ،فقر الكتابة الراصدة والمصورة لهذا العالم

فاللغة التى تشكل مثل هذا البناء جافة ، وجامدة ، لا تبوح بما تخبئه وراءها من مفردات هذا العالم

وهواجس شخوصه وعواطفهم المتباينة ، فلا تبوح بالاسرار التى تزخر بها مفردات اللغة التى انتقاها هذا

الاديب فعجزت موهبته عن تحويل ما يراه فى مخيلته من صور الى لغة حية مشحونة

بعد هذه المقدمة التى اردت ان اوضح بها دور اللغة فى العمل الابداعى وقصدت بها ان الشيء يفهم

ويفسر بنقيضه


اذن هناك نقيضان ، الاول منهما ما وضحته فالاعلى وهو الملل من النص الادبى ، والثانى هو  الالتهام

والتوغل والتورط فى النص الادبى

ذلك الشعور وتلك الحالة التى انتابتنى وتملكتنى عندما بدأت فى قراءة المجموعة الموسومة بـ " نصف

حالة " للاديبة ابتهال الشايب

فالاديبة الشابة استطاعت باحترافية ان تشيد عالمها الخاص ولغتها الخاصة فعندما يمسك المتلقى تلك

المجموعة لا يستطيع الفكاك من حالة الاندماج التى تنتابه حتى يفرغ من قراءتها تماما ، يساعده فى

ذلك انها صغيرة ، اوراقها لاتتعدى 50 ورقة ، لكن المتلقى يجد نفسه مشدودا نحو  هذا العالم الذى

خلقته وصورته ابتهال ، فيطالع اسراره ، ويكد ذهنه ، ويقدح زناد فكره فى استنباط الصور وسبر اغوار ما

وراءها من تداعيات ، برعت الكاتبة فى اخفائها عنه بين كلماتها وسطورها ورموزها ، فكلما انفكت عقدة

وجد نفسه داخل سر آخر ، ورمز آخر يريد تمزيق اغلاله .

هكذا يشتد الصراع المتخيل - ان جاز التعبير - بين المتلقى والعمل الذى بين يديه وهكذا حتى نقطة

النهاية

هذا الشعور او الحالة - كما اطلقت عليها - التى اخرجت القارئ من الواقع الرتيب فى الحياة ، او من

حالة الممارسة العادية الى حالة الثورة والتجادل والبحث اخرجتنا الى عالم ابتهال القصصى.

ليس باستطاعة شيء اخر ان يوصل القارئ الى هذه الحالة سوى اللغة، اللغة اللدنة ، الحبلى

بالمقومات الايحائية ، التى باستطاعتها رسم هذا العالم المتخيل وتصوير ملامح انماطه المختلفة ،

فاللغة هى التى تعبر عن ذلك بدقة وامتلاء قادرين على الامساك بالمتلقى واسره

واعتقد ان مجال دراسة الاديبة هو ماساعد فى جعل لغة المجموعة تقترب من لغة الشعر ، فهى دارسة

للغة الفرنسيه وادابها مما جعل لغة المجموعة تتميز بالحساسية ، والرهافة والانسيال والامتلاء الذى

استطاع ان يمنح المجموعة تميز لغوى ، واستطاع ان يمنح الالفاظ والجمل والتراكيب موسيقى اخادة

متراكمة على صفحات المجموعة منحتها القدرة على افراز هذه الحالة الانسانية الخاصة والبوح

بمكنوناتها الغزيرة والقادرة - فى الوقت نفسه- على منحنا هذه الفرصة الزمانية الروحية كى نتخلص ما

يثقل النفس من هموم او مشكلات نحيا بها فى هذا الواقع المضطرب .

فالاديبة مارست هنا نوعا من الحضور الشعرى لما يتوفر لها من موهبة خصبة مبدعة فى عالم الخيال ،

فبدت المجموعة - بخاصة الجزء الاول- بدت وكأنها مقطوعات شعرية رقيقة وان كانت تختلف فى

توصيفها التقنى عن الشعر ذلك الفن القائم على لغة خاصة به منضبطة تسمى الوزن والقافية

واكاد اجزم ان ابتهال وحالتها وجيلها هم المعنيون فى كلام الدكتور عبد الحميد ابراهيم فى تقديمه

لمجموعة قصصية للاستاذ حشمت يوسف عندما تحدث عن اجيال المبدعين الاقصريين فقال " هناك

جيل التصق بالارض وسيخرج بعدهم جيل ينبت فوق هذه الارض ويتجاوز القصور زيتحدى المعوقات "


تعتبر هذه قراءتى الاولية فى لغة المجموعة بعيدا عن مستواها من حيث الشكل والطرائق السردية
 
اتمنى لك مزيدا من الحضور الطاغى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق