
مفتتح:
وقفت عروس المولد في الواجهة دون
أوراق مزركشة .
جاءها – من آخر الصفوف- يسعي
بوجهه المضئ بضوء القمر وشعره المغزول بخيوط غزل البنات .
نثر في عينيها ذرات من مسحوق
حلاوته أغشي عينيها .
صب في أذنيها رحيق كلماته .. غفت
.
أفاقت علي نملة تقترب خلفها
بخطوات جيش جرارمن النمل.
انتظرت فارسها أن يرفع سيفه.. همز
جواده وذاب في زحام المولد.
اختفي النمل فجأة كما ظهر .
لكنها لاحظت أن روحها المحلاة
بالسكر .. ذابت .
بينما امتلأ قلبها بالثقوب .
( 1 )
حبيبي يحب الطاووس كثيرا وأنا أعشق الحمير ..
ضحك .
" لا تضحك .. إنها تعمل كثيرا .. تأكل
قليلا .. بينما لا تشكو إطلاقا ".
قال " إنها حمير علي أية حال "
" هل رأيت حمارا يبكي ؟ أنا رأيته ! حين التففنا حوله أعطينا له كافة أنواع
الحقن.. خجل معلمنا حين رآه يذرف دموعه . تذرع بوجود خلل في قناته الدمعية .. قلت
: يا معلمنا .. إنه يبكي .. قالت زميلة : وهل يملك شيئا سوي دموعه ؟ قال معلمنا :
إنه حمار علي أية حال ".
حبيبي يضع يديه علي شعره . ينفشه في خيلاء
ويستدير .. يطرق مسامعي صوت الطاووس.
حين رحل لم اقبض سوي بضع ريشات طرن في الهواء .
( 2 )
حبيبي يعشق ( لعبة الأرقام ) قال أنها اللعبة
الوحيدة التي يلعبها الجميع .
" لا أجيد اللعبة " قال أنها لعبة
سهلة .. كتب الأرقام من صفر إلي تسعة في أوراق صغيرة .. فعلت مثله .. طوينا
الأوراق عدة طيات " يارب الرقم الحادي عشر .. واحدان صحيحان أنا وأنت ".
فاجأنا رقم عشرة .. أبيت في إصرار أن أحمل رقم
صفر. " فلنعد اللعبة ".
قال" لا " أبدل ورقتينا ببساطة ووقف
عن يميني .. تزداد لوعتي حين يتسلل أحيانا ويقف عن يساري.
( 3 )
يقولون أن الهلاميات يحتللن المدينة فلأحذر .
تصدر واجهة الطرقة الضيقة جدا بجسده الرشيق
وقوامه الفارع.. توقفت لثوان لا أدري تخيلت يديه الرقيقتين عند مروري تتجولان
بجرأة وتتخذان أوضاعا مختلفة علي جسدي .. تنحي عن الطريق بفروسية .
يقولون أيضا أن الأجساد الهلامية ترتدي أقنعة
من ضوء القمر وتتخفي في ثياب الفرسان .
( 4 )
هاتفتني .. قلت " إنه يعشق تلك الأجساد
الهلامية .. يضع لهم أقداما من خياله ويتركهم يمرحون علي لسانه ".
قالت " إنه طيب و إنه ......
وإنه.........وإنها أحبتني " وهي تتحدث يقترب وقع أقدام إحدي الدببة تحمل صغيرها
.
كانت تدلـله
ويضحك .. تقذفه في الهواء ويضحك .. تمتلئ ملابسه بالريح ويضحك .. تمتلئ
ملابسه بالريح ويضحك .
حين قذفته ذات مرة أخذنه الهلاميات وطرن .
( 5 )
لا يمكنني الدخول .. لم يأذن لي بعد .. جئت _
بعد التحيات_لأسألك " أتوجد لديكم أجساد هلامية تسير دون أقدام ؟ يقال أنهم
لا يسكنون عالمكم ! يقولون أيضا أنهم غزوا مدينتنا .. ازدادوا سمنة وتوحشوا وصارت
لهم أقدام .
لم يا أبتي لم تهدني - حين كنت صغيرة – أحد هذه
الأجساد الهلامية ؟!
يشق عليَّ – بعدما مضي العمر –أن أستأنس أحدهم
وأجعله يتحدث بلساني ويجمل كلماتي .
كان حبيبي يعشق هذه الهلاميات .. كان يفصل منهن
بيتا وأسرة صغيرة وأحلاما تكفينا ! كان يتركهن يتحدثن بدلا منه ويصمت .. كيف لم
أدرك حينها أن هلامياته ذوات الأقدام هن من كنَّ يحادثنني؟!"
( 6 )
حبيبي يمتلك بحرا من الكلمات .. ألقي شباكي في
بحره لعلي أقتنص فعلا تخذلني الشباك. ما بين الكلمة والفعل حبيبي مسافات شاسعة
وحواجز .. لم لا تمتطي شوقك وتمسك فأسك وتذيب تلك الحواجز ؟!
حبيبي امتطي كائناته الهلامية ورحل .. لم يخلف
وراءه سوي كلمات ( كلمات ليست كالكلمات ).
( 7 )
حبيبي يسكنني وهو تسكنه الهزائم ..
سألتني " أتعشقينه ؟ " قلت "
أعشق تفرده وضحكة عينيه اللتين تلمعان ببريق يأسرني حين تطربه كلماتي .
سألتني " أيعشقك ؟ " سألته
.. حين هم بالرد كانت تلكم الهلاميات اللعينة يتسللن من فمه .. يدرن علي ذراعيه ..
يلفنَّه حتي نهاية أطرافه.
تحيرت .. تراه قيس كان يعشق ليلي حقا أم ........؟
( 8 )
حبيبي يعود ليحاول إدراكي وأنا أتسلق النجم
الساطع بعيدا .. حبيبي تلكم الهلاميات اللاتي تحملهن وجوادك الهزيل الذي يحملك لن
يبلغ مداه حتي بعد رحيل العمر.
هل تراني عند رؤيتك للنجمة الحزينة في آخر مدي
بصرك ؟ هل تناديني ؟ حبيبي لن أسمع ندائك .. الزمن يبدد الأصوات والأشواق واللهفة.
وحدي أجلس علي السحاب تتساقط دموعه ( زخات ..
زخات ) حين أقص عليه قصتي.
حبيبي لا تمدد يديك .. لم يعد يجدِ .. ( السياج
عال ) سياج يرتفع من هلامياتك اللاتي يغرسن أقدامهن بقسوة في الأرض.. سياج يتطاول
من الأفواه المفتوحة والعيون المتلصصة.
كبريائي التي تنبض بها أوردتي تصنع سياجا ثالثا
ورابعا وشائكا.
مختتم
حبيبي يحب العصائر .
أعطاني شراب الفرح في كأس أحمر .. اعترضت قائلة
أن احمراره يذكرني بلون الدم و...... و.........
بضع قطرات رشفتها .. أسكرتني .. انتزع الكأس ..
قال " كفي" " حبيبي لم أكتفِ بعد".
قال " تجرعي هذا " أعطنيه ورحل.
كان كأسا من شراب الحزن لا ينفذ.
تجرعته في صمت .. اصطبغ بعدها الكأس و ثوبي
والشوارع و ........ و .......... بلون قاتم.
حين فاض الكأس بالدموع .. دعوت الله أن يبدلنيه
كأسا من منقوع الصبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق