الثلاثاء، 25 مارس 2014

الإعلان عن مسابقة " رامتان " السنوية للشباب

 

أعلن مركز رامتان الثقافي بمتحف طه حسين عن مسابقته السنوية للشباب الدورة الخامسة عشرة في مجالات القصة القصيرة - الدراسات النقدية - الشعر ... ويشترط ألا يزيد سن المتسابق عن 35 سنة:
- في القصة القصيرة : الموضوع عن أحد بطولات الجيش المصري في العصر الحديث (الاستنزاف - أكتوبر )
الشروط: تقدم ثلاث نسخ على الكمبيوتر من عمل لم يسبق نشره
- في الدراسات النقدية: الموضوع دراسة نقدية لأحد أعمال الشاعر الكبير أمل دنقل
الشروط: ألا تزيد الدراسة عن 40 صفحة A4 - تقدم ثلاث نسخ على الكمبيوتر بعمل لم يسبق نشره
- في الشعر: الموضوع يستلهم من أحد بطولات وتضحيات أبناء مصر في حرب الاستنزاف وانتصارات أكتوبر
يشترط أن يكون العمل لم يسبق نشره
وسيكون يوم 15 أبريل 2014 آخر موعد لتلقي الأعمال على مركز رامتان الثقافي متحف طه حسين 11 شارع طه حسين - مدكور - الهرم ت:
35834869

الاثنين، 24 مارس 2014

" الجبل " قصيدة بقلم / كريم الشاورى





شفت الجبال منها البيوت بتطل
بس الجبال أروع كتير م الكل
شفت اللى لونها أبيض
زى القمر بالليل
وأنا كنت أشوفها
تشد فيّا الحيل
سبحانه من أبدع
ثابتة ومن غير ميل
شفت اللي لونها
لون عيون الشمس
كان قلبى يتحرك
ويتكلم ويّا الجبل بالهمس
كان الجبل ..
 يقول أسراره ما يخبّيش
يمر البحر من جارى
ومايهدّيش
أبل الريق بالميه
يدينى ما يكسفنيش
يعوز رمل من رملى
 أديله وما يمشيش
يعز عليه يفارقنى
فبنكمل ...
يكون جنبى ساعات دايماً
وأكون جنبه
 وأحياناً بنتباعد
وأحياناً بنتواعد
نشوف الدنيا بعنينا
وما تشوفناش
 عشان دايماً هنا بتاخد
ولا تدينا شئ ببلاش
وراح البحر عنوانه
وساب دمعه على خدى
وأنا رملى بيقيله سبيل
صديق يا بحر لصخورى
وقلبى دليل
وكان يخفى سنين عمره
بقُولْ مواويل
وجوة قليبه أحزانه
وحمْلُه تقيل
حبيب ليا يا قلب صديق
أكيد راح نلتقى تانى ..
لُقا يرجّع ف روحنا الريق

" فلامنكو " قصيدة بقلم / أحمد خليفة




مدد يا كل عاشق من غير سبب 
 يا دقة قلب هزت جبال عجب 
 مدد وقولي سر الحكاية
 سايق عليك الأربعة الحرم
 من ذي القعدة لرجب 
 ليه الكل ساكن وعاشق 
وانت اللي متغرب وغاوي تعب ؟!
 ليه الكل بيحب ويفارق
 وانت مش معاك فارق ؟!
 يا قلب عاصي فاتح عـ الوجع 100 ألف باب
 بالراحة عليّا وأبوس إيديك كفاياك عناد
 إن كنت غاوي تحب 
 سبني وروح لكن من غير حساب 
هعملك خروجة محترمة
 وهعلق مكانك شريط حداد
 وإن رجعت فـ كلامك خليك مكانك
 لــكن مسمعش صوتك 
__ ياما أبدان ماشية علي الأرض من غير قلوب
 أيه الحكمة انك تخرج من كل جرح وجرح أعتي مـ اللي قبله 
ورافض تتوب 
 الحب رزق ورزقك منه فـ كام دعاء ويا السجود 
 يا سر الحرف فـ الكلمة اللي شابك علي المعني
 يا معني بوفد الحروف طايف يسبح ربيَّ الأعلي
 سلطاني علي القلب جاير 
إكمن القلب أعمي

"شرخ فى العقل الباطن"قصة قصيرة جدا بقلم / عثمان عمر الشال




ولج للعيادة مطأطئ الرأس .. تعلو شفتاه التهتهة .. يسحبه ولده العاطل .. اِسْتًقْبَلَهُم الطبيب ببرودِ اللحظةِ , وضع يده فوق كتف الصبى قائلاً : لا تبتئس يا بُنّى ؟ حالة الوطن مطمئنة .. نحن بصدد الوصول للأقبية المغلقة .. فَرَدَ المريض ذراعيه , ضم الطبيب لصدره بشدة .. قَبّله .. سالت ريالته على صدره .. إنتقلت التهتهة إلى شفتاه .. رفع سماعة الكشف عاليا .. عند حضور سيارة الإسعاف كان المُسَعِفّون يشكون بنفس الداء .

مسابقة أبو العنين شرف الدين في شعر العامية


أعلنت مسابقة أبو العنين شرف الدين عن دورتها الجديدة في شعر العامية بالشروظ التالية:
- السن من 25 إلى 50 عاما
- ثلاث نسخ من العمل ، واسم المتسابق وعنوانه وتليفونه في ورقة مستقلة
- صورة البطاقة الشخصية
- ترسل الأعمال على العنوان التالي: 6 شارع الملك فيصل - مدينة ميت غمر .. الدقهلية
- تليفون 050/6950738 ــــ 01099285341
- آخر موعد لتلقي الأعمال آخر يوليو 2014
للفائزين جوائز مادية ودرع المسابقة، والجوائز الثلاث الأول مالية وشهادات تقدير
المشرف العام على المسابقة الدكتور / يسري العزب
* يمكن إرسال الأعمال - ورقيا - لفرع ثقافة قنا في موعد أقصاه 15/7/2014

موال " للحبيبة " للشاعر مأمون الحجاجى



لا حد يقدر يلومنى
ولا حد يستجرى
لو صرخت بحبك أنا
وقوام طلعت أجرى
انتى القسوه من طبعك
وضلمتك ضيّعت فجرى
وأنا جنايني بساتينك
لكنه لما طرح تينك
جانى الفراق منك
يا ظالمه وضاع أجرى

الأحد، 23 مارس 2014

"طريد الهوى" قصيدة للاستاذة منى سعد

بردان جدا جدا فآويني.
 وحزينٌ جدا جدا فوق الوصفِ
فضميني.
 تقصفني موجات الهمِّ
وما بين القصفِ والقصفِ
 هدنة بوحٍ..تدميني
خارطة النفسِ
 أشلاء 
وشظايا حطامٍ، وخوفٍ يسكن خوفي
وبقايا من رجلٍ..يشبهني 
في تكويني
 في ضعفي
 لم يبق سوى آهات من ألم
 تتلوي كالثعبانِ، يطارد ذكراكِ في شراييني
 أشعر بالبرد
بالموت
بالغيمة سرا..يقتلني
بالأمل سراب..لا يحييني
 بالشعر جنون.. يبغي نسفي
 بالله عليكِ حبيبة عمري
 ليكن موتي بين يديكِ
هيا اقتليني.

السبت، 22 مارس 2014

(2) من أقوال ياسر الششتاوى




51ـ اللحظة الفاصلة فردوس الحقيقة.

52ـ بعض الأفكار الشيطانية تدخل عقلي، فيكرم ضيافتها، ولكنها لن تجد فيه المأوى الدائم.
53ـ إكرام الشمعة إحراقها.
54 ـ الروح سماوية ، والجسد أرضيّ ، فإما أن تكون سماوياً أو أرضياً أو أن تكون طائراً بجناحين.
55ـ سخونة الشجار بين الزوجين تؤدي إلى برودة المشاعر.
56ـ فشل شخص أو أشخاص في شيء لا يعني بالضرورة أنني سأفشل في هذا الشيء.
57ـ عندما تخونك السفينة ، ستعرف أن البحر بحرٌ.
58ـ المرض وقفة مع الجسد لصالح الروح.
59ـ من يقدر أن يكسر أزمته ، يقدر أن يصنع فرحته.
60ـ ميزة الحمار من بني البشر أنه لا يمتلك ذيلاً.
61ـ الحقيقة مثل الماس لايمتلكها إلا أصحاب الغنى العقلي.
62ـ الشيخوخة صورة الطفولة المقلوبة.
63ـ أول الطريق أصعبه وآخر الوهم أكذبه.
64ـ يمكن أن أكون إقطاعيا في حالة واحدة إذا كانت المشاعر تقاس بالأفدنة.
65ـ سبب استمرار الحمار في حماراتيه أنه لا يدرك أنه حمار.
66ـ أنام كثيراً لأستريح من الكلام مع نفسي.
67ـ فاقد الشيء لا يعطيه ، وقد يكون فقده لأنه أعطاه.
68ـ الإنسان المغرور لا تدخل قلبه إلا من سلم الخدم.
69ـ أكثر الأسلحة استخداماً حتى الآن هو اللسان.
70ـ حاجة التنظير إلى التطبيق كحاجة المني إلى رحم.
71ـ الإنسان يساوي قلبه.
72 ـ صاحب أكبر جرائم قتل ولم يتم القبض عليه حتى الآن هو اليأس.
73ـ من يصنع نفسه بنفسه لابد أن يكون معه العديد من قطع الغيار إلا لضميره.
74ـ أجلد نفسي قبل أن أنام كي أدخل مستشفى أحلامي.
75ـ  الطمأنينة الكاملة تجاه أي شيء نقصان عقل.
76ـ الموت ضريبة الحياة.
77ـ الشجر الذي ينبت في قلبي لونه أبيض ، أصنع منه سفينتي قبل أن يأتي الطوفان الأسود.
78ـ الثقة في النفس أحد أسباب جمال الشكل.
79ـ لو رفعت الشمس علي البشر قضية تطلب ثمناً لما تعطيه لنا من ضوء ودفء لكسبت القضية من أول جلسة، واسألْ أي محام ٍ طبيعي.
80 ـ من يعتقد إنه الأفضل دائما سيصبح الأفضل سوءاً.
81 ـ أعظم استقرار لا يمكنه أسر الاستمرار.
82 ـ من تعود أن يحلق في السماء يرى المشي على الأرض شللاً.
83 ـ إذا أردت أن تكون إنساناً لابد أن تكون أذكي من الشيطان.
84 ـ شجاعة الانسحاب قد تكون أصعب من شجاعة الإقدام.
85 ـ من لا يعرف لا يسلم.
86 ـ من يصل الأخير ، قد يصبح الأول حظاً.
87 ـ الأغاني المعلبة تؤدي إلى تسمم الذوق.
88 ـ الطرق المتعرجة لا تخدم إلا عشاق الانحناء.
89 ـ عندما تبكي مصر تضحك الشياطين.
90ـ في أجندة الكرامة لا يمكن أن تكتب على سطر وتترك سطراً .
91ـ الذكاء ليس في الذكاء ، ولكن في استخدام الذكاء.
92ـ الكلب الأول كالكلب الأخير.
93ـ عندما تطلب السلام من عدوك وأنت ضعيف فإنك تطلب منه أن يكون غبياً.
94ـ لكي تمشي لابد من عدة سقطات.
95ـ النشيط يستريح حينما يتعب ، ويتعب حينا يستريح.
96ـ لا يوجد فاشل بالفطرة ، من يفشل في شيء يقدر أن ينجح في أشياء أخرى.
97ـ الأقنعة لن تموت أبداً.
98ـ الصمت لا يعني الجهل.
99ـ من له وجهان يمكنه أن يملك من الوجوه ما يود.
100ـ الحب صديق القلب.

ملامح البيئة الصعيدية في السرد (ثنائية الرفض / والتغيير ) قراءة في رواية «عودة الفلوص» لعبدالجواد خفاجي دراسة: د. وائل النجمي


 


قول الراوي : «يقولون الحياة العصرية متجددة، هذا يبدو صحيحا، ولكن حياتنا ليست عصرية، إننا هنا في صعيد مصر، أقصد في ذيل العالم الثالث، ولك أن تعتبر "الثالث" هذه خطأ حسابيا، وقد يصححها الزمن وحده، لنكتشف أنها الثالث بعد المائة، ربما لهذا قررت أن اكتسح حياتكم كأية دبابة عمياء تكتسح أشجار الزيتون في أرض فلسطين، صحيح هي دبابة عمياء، لكنما تقودها بصيرة واعية، تعرف ماذا تريد بالضبط .. جئتكم وقد أصبت بالعمى، إلا أن بصيرتي ليست كذلك، أو هكذا أزعم .. جئتكم لأكتسح هذه الزراعات الخضراء المترامية، سأتلفها تماما...» صـ7
ينظر الراوي للبيئة التي ينطلق من خلالها في سرده، بوصفها «ذيل العالم الثالث»، ومن ثم يرغب الراوي في أن يكتسح هذه الحياة التي رضي فيها الناس أن يعيشوا في ذيل العالم – الثالث، لكي يقترح عليهم أن ينقموا على هذه البيئة الخضراء، أن يقوموا بإتلاف هذه الزراعات والمساحات الخضراء تماما، هنا نرصد ملامح التمرد على البيئة التي ينطلق من خلالها السارد مبكرا في السرد، وهو تمرد متصاعد، سيبدأ من لحظة السرد، ثم يوغل في الماضي، يقول السارد بعد هذا النص بصفحات يسيرة: «سمعت النائب يقول: إن الخيبة التاريخية الوحيدة في حياة أبناء قنا أنهم دمَّروا الأسطول الفرنسي الذي جاء غازيا عند نجع البارود، هكذا نحن نحتفل بعيد قنا القومي الذي هو عيد خيبتنا.» صـ11
هنا يصل حد التمرد على البيئة حد التنكر للتاريخ، محاولة قلب المعتاد عليه من الاعتزاز الوطني بلحظة الفوز على الغازي والمحتل، لتصبح هذه اللحظة هي بداية تشخيص المشكلة التي تعيشها «قنا» الآن؛ فمشكلتها أنها لم تنفتح على حضارات أخرى، أنها لم يُضخ فيها دماء جديدة، ومن ثم غلبت مهنة الزراعة التي جلبت على القنائيين – من وجهة نظر السارد – الفقر والتخلف، ورغم أنني لا يمكنني أن أوافق الكاتب في هذه الرؤية وهذا التحليل لاعتزازي بقومية تاريخنا، إلا أنني أدرك استخدامه لهذه المفارقة لمحاولة الصراخ، لمحاولة الاستبصار وتنبيه الوعي تجاه هذا الواقع القنائي المتشكل على الأرض اليوم، ذلك الواقع المكبل من جميع اتجاهاته بالفقر والجهل والتخلف، فأراد السارد أن يُؤسس روايته، عبر تنبيه الوعي لهذه البيئة – المتخلفة، التي سينطلق منها، والتي رُغْم تخلفها، سيكون مضطرا على أن يستخدمها كمصدر وخامة لإبداعه، ومن ثم تصبح المهمة عسيرة أمام المبدع، ذلك الذي يحمل رؤية ضدية للبيئة الجنوبية، فالمطلوب منه الآن أن يُشكِّل من هذه البيئة المتخلفة، ادراكا أدبيا جماليا.
لقد طرح السارد حلا مبتكرا من وجهة نظره تجاه مشكلة تخلف البيئة التي يعيش فيها، وهي تتمثل في اكتساح هذه المساحات الخضراء، وتحويلها لأماكن جذب سياحية، عن طريق انشاء فنادق على الطراز الفرعوني، وباستخدام خامات البيئة، يتم تأسيس مناظر مما تجذب السائحين الأجانب كالأسرة الجريد، ومقاعد جذوع النخل وغيرها، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى الدعوة للتزاوج مع الأجانب، والاختلاط التام بهم، لتحسين النسل والدخل. صـ9
ربما هي طريقة غريبة لتفعيل تقنية "التغريب"( ) بهدف تنبيه وعي القارئ تجاه سياسات الدولة الخاطئة في إدارة الزراعة في مصر، تلك السياسات التي جعلت الفلاح يزداد فقرا، ويتحول لعامل أجير على أرضه يحاول جاهدا أن يسدد ديونه المفروضة عليه من بنك التنمية والائتمان الزراعي، ويعاني معاناة شديدة في الحصول على جزء من حقه من الادارات الزراعية، وفي النهاية يرتبط سعر محصوله بما تحدده شركات صناعة السكر، التي تتلقف تعب عام كامل، لمحصول أجهد زارعه وأجهد الأرض نفسها أيضا، دون أن يكون ذلك كافيا لتعويض كلا منهما، لكن في الوقت نفسه هذه الرؤية لتفعيل تقنية "التغريب" تتجاوز المألوف حول النزعة القومية التي تنتصر دائما لأبناء البلد الأصليين، والتي تنتصر للتاريخ وللرؤيا الواثقة في نفسها، لكنها هنا هذه الرؤية القومية تكاد تكون مذبذبة، أو ربما كان التغريب يهدف لخلخلتها نفسها.
سيعمل السارد عبر الرواية على تشكيل معماره الروائي باستعراض تفاعل شخصياته مع واقعها وبيئتها، ومع قبيلتها أيضا، ستكون البيئة هي السمة الأساسية لمحركات الأحداث، حتى عندما يخرج الراوي من أثر هذه البيئة الضيقة، إلى رحب الكون الواسع، عندما تتسع الرؤية السردية لتمرر الرسالة المُرمَّزة في ثنايا السرد، يقول السارد:«(...) بقيت في المندرة، لا أصنع شيئا غير الإنصات إلى الراديو، الذي أمسى رفيقي في هذه الحياة، تصلني أصوات من بقاع الأرض، وكانت الكرة الأرضية تتجسد أمامي مع أصوات الإذاعات، مزيدا من الدماء والجثث، وضجيج الساسة والعسكريين". ومزيدا من البلاغات المترادفة بطنطناتها نحو عقل لم يعد مهيئا إلا لاستقبال الكارثة.» صـ28، هذه النظرة التحليلية لمجمل حياة الكرة الأرضية، التي يتم استجلابها لمسمع السارد الذي فقد بصره بعد ان اختطفه مجرمون طلبوا فدية له، وكأنما أدراك العالم هو رهين إغماض العين عن الواقع الضيق الذي نحياه، أو قل أن شدة ارتباطنا بهذا الواقع الضيق الذي نحياه جعلنا ننسى ما يحدث في العالم، ولكن في كل الأحوال فإن السارد غير قادر على مغادرة هذه المحلية التي يتحاور من خلالها، لذا كان مرغما على العودة في سرده إلى واقعه، فيعقد مقارنة بينه، وبين ضيوف المندرة التي استمرئ الجلوس فيها، ليتعجب من استمتاع الضيوف بالطعام والشراب، ومن تقبل الناس لحياتهم، دون أن يدركوا حجم المأساة التي يعيشون فيها، تلك المأساة التي يتم صياغتها بطريقة خاصة بالسارد عندما يقول: «... علينا أن نتخلى عن هذه المهنة التي حولتنا إلى عبيد أمام احتلال يسيل لعابه للقطن طويل التيلة، أو تحت حكومات متعاقبة تبحث عن صناعة سكر وطنية على حساب الصعيد وأهله .. صنف واحد من الزراعة، حوَّلنا إلى صنف واحد من البشر، وحول حياتنا إلى نمط سخيف متكرر من الأزمات والديون، شيء سخيف أن نعيش كصنف من إنسان لا يفكر إلا في الأزمات التي تحل على الرؤوس .. لا تمايز .. لا اختلاف .. لا إبداع .. لا حكمة .. لا .. لا .. كلنا هذا الصنف!» صـ29
إن السارد يحمل تجاه واقعه ضيقا شديدا، ويحاول أن يحث وعي القارئ تجاه الظلم الواقع على الصعيد وأهله، ويحاول أن يحث أهل الصعيد أنفسهم على الثورة على هذه الأوضاع، على محاولة تغيير هذه البيئة والنمطية التي اعتادوها، فوصلوا لمرحلة أنهم ما عادوا يشعرون بما في واقعهم وبيئتهم من ضيق ومشكلات، ولا شك أن السارد قد نجح باستخدام مفردات كثيرة، هي مفردات قبح : كعادة اللواط، والتبول على الحوائط، أو اغتصاب الممرضة، أو نكاح البهائم أو غيرها مما أورده السارد، فقد نجح في أن يجعل من تلافيفها وتفاعلها وحبكة الوصف والحوار وتتالي الأحداث، جعل من كل ذلك مركبًا جماليًا، يجذب القارئ للقراءة، ويتحاور بوعيه مع مفردات هذه البيئة، ونجح في أن يصور شخصيات هذه البيئة في صورة المفعول به في كل اختياراتها أمام قسوة هذه البيئة، حتى أن السارد نفسه، وهنا تأتي أخطر جزئية تتعلق بالتأويل، ففي محاولة الأب أن يجعل من ابنه أكثر ذكورة وخشونة، سيصطحبه للحقل للقيام بأعمال الزراعة، لكن السارد لن يتحمل ذلك، وهو ما سيؤدي إلى إصابته بحمى شوكية، تترك أثرها عليه بثقل لسانه، وبميله للتخريف، ورغم أننا لا نلمس طوال الرواية أية مؤشرات لثقل اللسان، بل يحدثنا راو فصيح، إلا أن قضية التخريف هذه ستظهر في حوار عامل المزلقان الذي سينبه الراوي/المسمى بالعروسة عطيات، إلى أنه يُخرَّف، وأنه لا يوجد أحد أمامه يسمعه، ومسألة التخريف هنا تفتح الباب بالكامل للتساؤل حول كل ما تم تقديمه في ثنايا العمل الروائي، هل هو حقيقة، أم تخريف؟ أو قل: هل ما في الواقع هو التخريف، وما في النص ما يجب أن يكون الحقيقة؟ كلها احتمالات أمام القارئ للنص، بقي أمامنا أن نشير إلى دلالة "الفلوص"، وهو اسم أيضا من البيئة الصعيدية يدل على العنصر السالب من أفعال اللواط، وكأن المعنى المتضمن أن أفراد هذه البيئة يعيشون حالة من حالات الانبطاح أمام بيئة قاسية، وحكومات متجاهلة، وسياسات خاطئة، تجعلهم جميعا في حالة "الفلوص" أمام واقعهم، الذي لا شك يمكن تغييره متى توفر الوعي الجمعي، ومتى توفرت الارادة لدى أفراده لتغييره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواية عودة الفلوص لعبدالجواد خفاجي صدرت عن دار بورصة الكتاب بالقاهرة عام
2011

قـــراءة في رواية "منافي الرب" للأستاذ أشرف الخمايسي بقلم / حاتم جاد




 مذ بدأت أقرأها انابتني حالة من الوهج الفكري تماشياً مع أسلوب كاتبها تارة واندماجاً مع أحداثها أخري وكانت قمة ذلك الوهج عندما تبدت الملامح الفلسفية لبطل الرواية " حجيزي بن شديد الواعري".
أما عن أسلوب الكاتب في سرد روايته فلا أقول أنه جديد فالرواية تنتمي إلي الأسلوب الجديد في كتابة الرواية في مزج الأمكنة والأزمنة والشخوص.
واسلوب المزج بين الازمنة والامكنة اذا جاء قسرا وتكلفا يجعل القارئ يزهد الرواية ويباعد الشقة بينه وبين محتواها الفكري والفلسفي فلا يشعر بروح الابداع ولربما قعد عن اكمالها ناهيك عن تذوقها. وتلك في رأيي روايات كتبت للنقاد, فكلما أعيت الرواية قارئها ولم يخرج منها بشئ نالت مزيداً من استحسان النقاد وقادوها إلي ترشيحات الجوائز ثم دفعوها إلي منصات التتويج.
لتأت "منافي الرب" وتحقق التكامل المنشود بين روح الإبداع والسرد الذي يجذب القارئ إلي الرواية فيلتهمها التهاماً ويجتر أفكارها وتلمع فلسفتها ويعدو خلف أحداثها يتمني ألا تنقضي وألا تنتهي هذه الحالة من المتعة الفكرية والسياحة في فلسفة شخوصها.
فالكاتب يرسم قصص الرواية كأنها لوحات فنية بديعة متقنة ثم يمزقها لتصير قصاصات وقطع كل منها يحمل جزءاً من اللوحات الاولي ثم يمزجها ثم يعود لينثرها سرداً عجيباً والأعجب ألا تضل تلك القصاصات طريقها الي جسد القصة ولا يتيه القارئ في غيابات تلكم القطع المنثورة في وجهه, ولا يمل من هذا الاسلوب الأخَّاذ. فلا غموض, ولا قصص تبدأ وتختفي ولا أسئلة بدون اجابات.
إذا ضاق القارئ بالرواية - وقد عبث الكاتب بأزمنتها وتعاقب أحداثها دون أن يستتب له الامر – سأل نفسه لم كل هذا التيه؟ ... أما كان قادراً علي أن يأتي الراوي بروايته بسيطة ومتسقة أحداثها مع أزمانها. إلا في حالة "منافي الرب" و"الخمايسي" فلقد قبلها القارئ كما هي ولن يرضي بغير الاسلوب الذي كتبت به بديلاً حتي ان خلط الكاتب أحداثها ممزقةً وتصدع جدار الزمن علي لسان أبطالها. ذلك أن كثيراً - إن لم يكن الأكثر - ممن كتبوا بهذا الاسلوب لووا اعناق اقلامهم وأفكارهم حتي يتماشي مع النمط الروائي الجديد, فخرجت رواياتهم شائهة ممزقة تقعدك عن تذوقها وان كان فمطحون القرض.
ولكن "الخمايسي" امتلك ناصية الاسلوب الروائي الجديد قابضاً علي كل أحداثها وألسنة أبطالها مجلياً أفكارهم التي انعكست شعاعاً ثاقباً في عقول قارئيها, فاستتب له الامر ووصل الي مشارف الكمال في هذا النمط وعزَّ أن تجد له قريناً. لو اكتمل للخمايسي ثلاثة أعمال بنفس هذا المستوي لصار أستاذاً للجيل, ولحلق منفرداً في سماء الرواية العربية, ولتذهب البوكر إلي الجحيم أو إلي من تعثرت فيه فسقطت في حجره.
وأما من قال ان الأفكار التي جرت علي لسان بطل "منافي الرب" حجيزي بن شديد الواعري لا ينطق بها أُمي فللرواية فلسفة أكبر من أن تجري علي لسان بطلها الأُمي فهي كمن يلبس جلباباً أكبر منه. أقول لهم إن الإلهام والفطرة والتجربة هم اكبر منتج للتأمل المفضي للفلسفة والتفكير الفلسفي وكلاهما لا يحتاج إلي قراءة بين دفتي كتاب ولكن قراءة في كتاب أكبر وأعظم شأناً وهو الدنيا, ولو كان الأمر كما يدعون لما كفت ثمانية عشر رواية قرأها "الخمايسي" حتي يُلهم بكتابة "منافي الرب".

وجمال الوجه لا يمنع أن ثمة قذى بالعين فلقد أسرف الأستاذ الخمايسي جداً في رواية اللقاءات الحميمة بين أبطالها دون داعِ لذلك ودون أن يتطلبها سياق الرواية أو علي الأقل أخذت من الرواية أكثر مما أعطتها.
ورغم ان الخمايسي كان قابضاً علي ناصية روايته آخذاَ بتلابيبها إلا في مواضع قليلة جداً أذكر منها تكرار مشهد مرور حجيزي بالصخرات الأربع في نهاية الفصل السادس عشر.
ثم انه ارخي اللجام لتسقط منه الفاظا كنت اتمني الا أقرأها في الرواية اواي روايه أخري ففيها خدش للحياء العام.
ويبقي القول بأن "منافي الرب" حقا أن توضع في قمة هرم الرواية العربية فلقد تجاوزت رائعة د. يوسف زيدان "عزازيل" وان كنت أتمني للخمايسي حظاً أفضل من زيدان فلقد عقمت قريحته ان تنتج شيئاً يستحق الذكر اذا ما قورن بعزازيل فأصبح القاسم المشترك بين عزازيل وما بعدها اسم يوسف زيدان فقط للأسف.

3"الغروب" قصة بقلم أ / محمود مرعى




جَلست على حافة النهر، شاردة الذهن، لا تكترث لما يدور حولها، نظرت إلى الماء وكأن بينهما قصة حب عميقة، حركت شفتيها وكأنها تبث مكنون صدرها لحبيب تناجيه، تتبادل معه عبارات الحب والهيام، كان وجهها كأنه شاشة عرض، تارة تظهر علية علامات الخجل و تحمر وجنتيها وتغمض عينيها، وتارة تظهر علامات السكون والطمأنينة وتارة علامات الدلال، وفجأة ترى الدموع تنساب من عينيها، قربها الشديد من الماء أشعرنى بالخوف، جلست على مقربة منها، لم تلحظ أو لم تكترث مما جعلنى أجلس بجوارها مباشرة، كانت الشمس فى طريقها للغروب وكان هذا هو ما يجذبنى إلى الجلوس فى هذا المكان كلما سنحت الفرصة، انه مكان خلاب، يجمع كل ما يتمناه المرء، فهنا تجد نهرنا الخالد، وتجد الخضرة، وها هو الوجه الحسن بجوارى، وفوق كل هذا" التوقيت"، إنه وقت الغروب حيث تقوم الشمس برحلتها المقدسة الدائمة، وفى هذه اللحظة وأنا أبحث عن طرف الخيط الذى أبدأ عن طريقة الحديث معها، نظرت إلىّ وقالت إنها لحظات تمثل لى كل شئ فى الحياة اللقاء والحب ، الماضى والمستقبل حتى الفراق يتمثل فى هذه اللحظة، لقد التقينا هنا وتعرفنا على بعضنا فى هذا المكان، وفيه نبتت زهور الحب وهنا سقيناها بكل أمالنا وأحلامنا ، لكنها أبت أن تكمل طريقها فذبلت قبل أن تتفتح ، صمتت فجأة وغابت فى دنياها دون أن تستمع إلى أى رد منى وبعد لحظات من الشرود نظرت إلىّ وقالت لقد خطبنى بعد فترة وجيزة من تعارفنا وكنا نلتقى كل يوم لحظة الغروب نجلس نتأمل الماء والخضرة وعندما تحين لحظة الغروب كانت أيدينا تتشابك بصورة لا إرادية لم افهم معناها إلا فيما بعد، كانت الحياة هادئة وجميلة كانت تسير إلى ما نحب دون توجيه منا، كان يكفى أن نفكر فيما نرغب ونحلم بما نريد حتى تتحقق كل رغباتنا وأحلامنا، سارت الأيام بروعتها المعتادة تعطينا أكثر مما نريد وتمنحنا أكثر مما نطلب، حتى ....؟؟؟!!! وعادت إلى شرودها المعتاد وصمتها القاسى وكانت طوال فترة صمتها تربت على شئ بجوارها تلفه كأنه هدية سوف تقدما لشخص عزيز، وبعد لحظات قامت بفتحها ، اختلست النظر إليها فوجدتها حجر من الرخام مكتوب عليه بخط جميل وواضح "إلى حبيب العمر فى يوم فراقنا"، أمسكت بالحجر وضمته إلى صدرها وقالت لى فى مثل هذا اليوم منذ ثلاثة أعوام، كنا فى أوج سعادتنا سقط قرطى فى الماء وكان أول هدية يحضرها لى فنزل إلى الماء ليحضره ولكنه بمجرد نزوله غاص فى الماء ولم يظهر ثانية إلا جثة هامدة، وفى هذه اللحظة صمتت و لأننى كنت أعرف أنها لا ترانى ولكنها تحكى حكايتها لنفسها ناظرة إلىّ احترمت صمتها ونظرت بعيداً عنها، وكانت لحظة الغروب قد حانت فنظرت إلى الشمس وهى تسلم نفسها إلى مخدعها لتستريح من عناء يوم طويل وقاسى، و إذا بصوت ارتطام شئ ثقيل بالماء جعله يتطاير فى كل اتجاه ، أنظر إليها وأنا فى لحظة رعب شديدة وأجدها واقفة وهى تحتضن شئ غير مرئى، وملابسها تتساقط منها قطرات الماء.

" كنت معها " قصة بقلم أحمد على عابد

 

مساءً لأول مره معها , ياه ... .... كم احببتها ..... ولكن هى ؟ ....لا اعلم ! انها جميله تنافس بجمالها نفرتارى لعشقى لها .... ! جئت لها .....! اننى لااتحمل لهيب اشواقى واتخيلها دائما بين يدى انى اعلم انها تاتى كل يوم من هذا الطريق .... احب مشيها ...... انوثتها ...... يالا جمالها وقالت هى بأدب وزوق : - براحتك .... مش مستعجله . عاملتها برقه اكثر هذه المره . برقه لم اعملها مع اى انثى من قبل .... وقالت : - كل يوم بتيجى هنا .......هاقابلك كل صبح. هذذت راسى بنعم ........ وانا مشدوه وملهم بجمالها الفتان ..... قابلتنى بابتسامه رائعه بمعنى (انا متشكره) فهمت ابتسامتها ..... وابتسمت ليظهر صف اسنانى ...... يااااااااه ...... منذ زمن لم ابتسم ....... او اضحك ...... ولكن معها .......!!؟؟ كل يوم اجلس منتظر قدومها بفارغ الصبر. واليوم اتت الى ...... لبت ندائى . يالا سعادتى..... يالا فرحتى ...... ساهتم بها يوميا ..... وها اليوم انتهيت منها .... ولكن ؟ هذا يعنى ان المقابله انتهت ...... رجعت الى حزنى ثانيا , ورأيتها تضع يدها فى حقيبتها ......... وتخرج النقود....... قائله : - متشكره .... تفضل .... هجيك كل يوم هنا . وبكل ارستقراطيه رفعت قدميها بعد ان انتهيت من تلميع حذائها .... دمعت عينى ..... ارها تذهب الى الرصيف المقابل تنتظر تاكسى ..... وبخبطات متتاليه على الصندوق.... قائلا بصوت عالى: - (ورنيـــــــــــــش .... تعالى لمع ياجميل )

الأحد، 16 مارس 2014

"تلكم الهلاميات اللاتي يعشقنني" قصة للدكتورة هيام عبدالهادى صالح




مفتتح:

وقفت عروس المولد في الواجهة دون أوراق مزركشة .
جاءها – من آخر الصفوف- يسعي بوجهه المضئ بضوء القمر وشعره المغزول بخيوط غزل البنات .
نثر في عينيها ذرات من مسحوق حلاوته أغشي عينيها .
صب في أذنيها رحيق كلماته .. غفت .
أفاقت علي نملة تقترب خلفها بخطوات جيش جرارمن النمل.
انتظرت فارسها أن يرفع سيفه.. همز جواده وذاب في زحام المولد.
اختفي النمل فجأة كما ظهر .
لكنها لاحظت أن روحها المحلاة بالسكر .. ذابت .
بينما امتلأ قلبها بالثقوب .

( 1 )

حبيبي يحب الطاووس كثيرا وأنا أعشق الحمير .. ضحك .
" لا تضحك .. إنها تعمل كثيرا .. تأكل قليلا .. بينما لا تشكو إطلاقا ".
قال " إنها حمير علي أية حال " " هل رأيت حمارا يبكي ؟ أنا رأيته ! حين التففنا حوله أعطينا له كافة أنواع الحقن.. خجل معلمنا حين رآه يذرف دموعه . تذرع بوجود خلل في قناته الدمعية .. قلت : يا معلمنا .. إنه يبكي .. قالت زميلة : وهل يملك شيئا سوي دموعه ؟ قال معلمنا : إنه حمار علي أية حال ".
حبيبي يضع يديه علي شعره . ينفشه في خيلاء ويستدير .. يطرق مسامعي صوت الطاووس.
حين رحل لم اقبض سوي بضع ريشات طرن في الهواء .

( 2 )

حبيبي يعشق ( لعبة الأرقام ) قال أنها اللعبة الوحيدة التي يلعبها الجميع .
" لا أجيد اللعبة " قال أنها لعبة سهلة .. كتب الأرقام من صفر إلي تسعة في أوراق صغيرة .. فعلت مثله .. طوينا الأوراق عدة طيات " يارب الرقم الحادي عشر .. واحدان صحيحان أنا وأنت ".
فاجأنا رقم عشرة .. أبيت في إصرار أن أحمل رقم صفر. " فلنعد اللعبة ".
قال" لا " أبدل ورقتينا ببساطة ووقف عن يميني .. تزداد لوعتي حين يتسلل أحيانا ويقف عن يساري.

( 3 )

يقولون أن الهلاميات يحتللن المدينة فلأحذر .
تصدر واجهة الطرقة الضيقة جدا بجسده الرشيق وقوامه الفارع.. توقفت لثوان لا أدري ‍‍ تخيلت يديه الرقيقتين عند مروري تتجولان بجرأة وتتخذان أوضاعا مختلفة علي جسدي .. تنحي عن الطريق بفروسية .
يقولون أيضا أن الأجساد الهلامية ترتدي أقنعة من ضوء القمر وتتخفي في ثياب الفرسان .

( 4 )

هاتفتني .. قلت " إنه يعشق تلك الأجساد الهلامية .. يضع لهم أقداما من خياله ويتركهم يمرحون علي لسانه ".
قالت " إنه طيب و إنه ...... وإنه.........وإنها أحبتني " وهي تتحدث يقترب وقع أقدام إحدي الدببة تحمل صغيرها .
كانت تدلـله  ويضحك .. تقذفه في الهواء ويضحك .. تمتلئ ملابسه بالريح ويضحك .. تمتلئ ملابسه بالريح ويضحك .
حين قذفته ذات مرة أخذنه الهلاميات وطرن .

( 5 )

لا يمكنني الدخول .. لم يأذن لي بعد .. جئت _ بعد التحيات_لأسألك " أتوجد لديكم أجساد هلامية تسير دون أقدام ؟ يقال أنهم لا يسكنون عالمكم ! يقولون أيضا أنهم غزوا مدينتنا .. ازدادوا سمنة وتوحشوا وصارت لهم أقدام .
لم يا أبتي لم تهدني - حين كنت صغيرة – أحد هذه الأجساد الهلامية ؟!
يشق عليَّ – بعدما مضي العمر –أن أستأنس أحدهم وأجعله يتحدث بلساني ويجمل كلماتي .
كان حبيبي يعشق هذه الهلاميات .. كان يفصل منهن بيتا وأسرة صغيرة وأحلاما تكفينا ! كان يتركهن يتحدثن بدلا منه ويصمت .. كيف لم أدرك حينها أن هلامياته ذوات الأقدام هن من كنَّ يحادثنني؟!"

( 6 )

حبيبي يمتلك بحرا من الكلمات .. ألقي شباكي في بحره لعلي أقتنص فعلا تخذلني الشباك. ما بين الكلمة والفعل حبيبي مسافات شاسعة وحواجز .. لم لا تمتطي شوقك وتمسك فأسك وتذيب تلك الحواجز ؟!
حبيبي امتطي كائناته الهلامية ورحل .. لم يخلف وراءه سوي كلمات ( كلمات ليست كالكلمات ).

( 7 )

حبيبي يسكنني وهو تسكنه الهزائم .. سألتني " أتعشقينه ؟ " قلت  " أعشق تفرده وضحكة عينيه اللتين تلمعان ببريق يأسرني حين تطربه كلماتي .
سألتني " أيعشقك ؟ " سألته .. حين هم بالرد كانت تلكم الهلاميات اللعينة يتسللن من فمه .. يدرن علي ذراعيه .. يلفنَّه حتي نهاية أطرافه.
تحيرت .. تراه  قيس كان يعشق ليلي حقا أم ........؟

( 8 )

حبيبي يعود ليحاول إدراكي وأنا أتسلق النجم الساطع بعيدا .. حبيبي تلكم الهلاميات اللاتي تحملهن وجوادك الهزيل الذي يحملك لن يبلغ مداه حتي بعد رحيل العمر.
هل تراني عند رؤيتك للنجمة الحزينة في آخر مدي بصرك ؟ هل تناديني ؟ حبيبي لن أسمع ندائك .. الزمن يبدد الأصوات والأشواق واللهفة.
وحدي أجلس علي السحاب تتساقط دموعه ( زخات .. زخات ) حين أقص عليه قصتي.
حبيبي لا تمدد يديك .. لم يعد يجدِ .. ( السياج عال ) سياج يرتفع من هلامياتك اللاتي يغرسن أقدامهن بقسوة في الأرض.. سياج يتطاول من الأفواه المفتوحة والعيون المتلصصة.
كبريائي التي تنبض بها أوردتي تصنع سياجا ثالثا ورابعا وشائكا.

مختتم

حبيبي يحب العصائر .
أعطاني شراب الفرح في كأس أحمر .. اعترضت قائلة أن احمراره يذكرني بلون الدم و...... و.........
بضع قطرات رشفتها .. أسكرتني .. انتزع الكأس .. قال " كفي" " حبيبي لم أكتفِ بعد".
قال " تجرعي هذا " أعطنيه ورحل.
كان كأسا من شراب الحزن لا ينفذ.
تجرعته في صمت .. اصطبغ بعدها الكأس و ثوبي والشوارع و ........ و .......... بلون قاتم.
حين فاض الكأس بالدموع .. دعوت الله أن يبدلنيه كأسا من منقوع الصبر.


السبت، 15 مارس 2014

"عمود خشبي مهمل" قصة قصيرة ل / جمال فتحى



كومة سوداء من ملابس عكرة في داخلها كيان آدمي ، إلى جانب عمود خشبي مهمل  ينتصب في قارعة طريق.
تصطف أمامها زنابيل ، ومقاطف، وقفف،وأسبتة ،ومكانس قوامها معطيات نخيل.
كانت قد لجأت إليه منذ سنوات لتعرض منتجاتها على المارة، حتى شكلّت  والعمود معلما هاما يشار إليه ، ظلت والعمود  بموضعيهما شاهدان على تواتر أحداث، وامتصاص حكايات،وأحاديث يجترها آخرون دون أن يعنى لهما الحدث
والأحاديث معنى ذا حيثية ، تَنبت من حين لآخر أعمدة أسمنتية لمنازل حديثة لا تلبث أن تستتر لاكتمال  البناء بحوائط يكسوها بلاط   فيكسبها ألوانا بهيجة زاهية لا تهتم لها..
كل همها يتركز في تضفير سعف الجريد إلى بعضه في ضفائر طويلة ، ثم بمخرز وحبال رفيعة يتكون لديها زنبيلا أو قفة .
إن السعف النابت على جانبي الجريدة يعد شيئا تافها بل يكاد أن يكون معدوم القيمة ،  لكنه بين يديها يتلوى على شكل ضفائر ، ثم يتحول إلى مقاطف وزنابيل لها معنى .(.أيضا سوق العراجين القديمة عديمة الفائدة تقريبا )
تعمد إلى سكين قديم  تغرسه بين أليافها لاستنباط شرائح رفيعة رقيقة تغمسها في الماء كي يلين ويسهل تشكيلها ، هذه الشرائح مع أعواد حطب القطن تعتبر البناء   الأساسي لمشنات ، وأطباق كبيرة واسعة .
بطون جريد النخيل تبقرها بذات السكين توطئة لتكوين أقفاص ..
تحكم زوائد العرجون  الطازج حول يد خشبية بحبال ليف رفيعة لإعداد مكنسة .
أورثتها أمها قبل رحيلها حرفة تحسبا  لعوادي الزمن ،وقد صدقتها حين لجأت إليها بعد وفاة عائلها .
كان رجلها قد غرس  بأحشائها نواتين انبتتا طفلا ،وطفلة لم يمهله  قدر لرعايتهما
فتكفلت بهما ..
لا تدرى كيف اتفق لها الجلوس إلى هذا العمود  دون غيره؟..
ترى أن هناك أعمدة أخرى كان مجلس القرية  قد غرسها بأماكن متفرقة على الطريق لتمتد فوقها أسلاك برق ،وهاتف ..
سمعت البقال الذي افتتح متجرا بمواجهة مجلسها إلى العمود بإحدى تلك البنايات الحديثة  : أن هذه الأعمدة باتت بلا معنى ..
إذ أن رئيس المجلس القروي كان قد عدل عن مد أسلاك فوق الأعمدة مستبدلا إياها بكابلات أرضية..ولم تعرف أبدا ماهية هذه الكابلات .
اعتبرت أن كلام البقال هذا تعريضا بجلستها  لم تعره اهتماما ..كل ما تعيه أنها رأت في البقال أشياء بعينها تذكرها ببعلها الراحل ..ربما صوته الجهوري ،أو حركته المتأنية حين يصف بعضا من بضائعه أمام المتجر ، أو حتى هيئته ، وملامحه عن بعد ..أيقظت تلك التوافقات بداخلها حنينا للذي مضى ..
عادت إلى مجلسها بجوار رفيق جلستها .أمسكت بنواة البلح ، راحت تضرب الحظ وتخطط على الأرض .
من حركات النواة تعرف حظها ، أيقنت  أن حياتها سوف تسير فى نسق واحد طريق يملؤه الشقاء والعناء  ، امتطت على شفتيها ابتسامة كسولة وراحت بصوت عالٍ  تلفت أنظار المارة إلى بضاعتها
تتخذ النسوة المترددات على السوق من مجلسها إلى جوار العمود استراحة ،أو محطة للقاء ,وثرثرة مع لغو مبالغ فيه .
منهن من يبتعن بعض منتجاتها ، ولكن الأهم أنها تجد أنسًا في مجلسهن إليها ، إذ تفد الأخبار منهن طواعية  ، فتلم بطزاجة  الأحداث من مهدها دون عناء ، .تجد  بنفسها  امتنانا لعمود  التصقت به لسنوات ، حتى شجبت إليه مظلة من نسيج أجولة خيش قديمة تقيها وجليسيها أشعة شمس حارقة ..
دائمًا ما تشعر أن  رائحة الليف المبلول .، شرائح العرجون القديم ، طزاجة الجريد ، قد امتزجت ورائحة جسدها الذي يتصبب عرقا  تحت وهج حرارة الشمس ..
لذا فإنها تحرص عصر كل يوم خميس أن تستبدل ملابسها العكرة بأخرى نظيفة ، بعد أن تستحم ، وتمشط شعرها.،تكتحل استعدادًا  لزيارة أسبوعية  لفقيدها بمرقده الأخير..
هناك حيث ترى مثيلات لها عن بعد تطلق عبرات ،وزفرات ،تذرف دمعات،  تجود بها  من مآقيها في مناجاة من طرف واحد لمن تركها دون عائل ورحل .
ترجع إلى منزلها ,,تسمع بخبر موت إحدى جيرانها ..راحت تولول وكنت تحفظ كلمات" العدودة" وتشعل حماس النساء  الجنازة وكأن الميت من أهلها  ..
وكانت أيضا   ماهرة بالضرب على الطبلة وقت الأفراح..كانت تفرح وترقص معهم ,تغنى الأغاني الشعبية  بالرغم من الحزن الساكن بين جدران حياتها.......
غيوم القلق بدأت تنتشر فتسقط الأمطار الأحزان على طريق حياتها
لاحظت أن مبيعاتها من المكانس .والسلال تناقصت وقل الإقبال عليها "..
غير أنها تفهمت السبب عندما رأت صاحب المتجر الكبير .بمواجهتها الذي يدعى "ماركت" يعرض مكانس وسلال بلاستيكية ذات ألوان زاهية جذابة أفضل كثيرا من منتجها ..أسقط في يدها  ، وعزمت الكف عن إنتاجهما  ، مكتفية بالزنابيل ،والقفف ,والأقفاص . إحساس مريع بأنها تنكمش على نفسها ببطء على غير إرادة..
وأخيرًا غزت سماء حياتها واقعة زلزلت معنوياتها بشدة..
ذات يوم انقض عليها عمال،وموظفوا مجلس القرية ليقصوها عن موضع ارتبطت به على مدى سنوات بكل غلظة ،.موضع بلغ بها حدا من تآلف وانسجام  لا يقل عن ألفة منزل قضت به الشطر الأكبر من حياتها ..
القوا بكل منتجاتها بعيدا عن العمود الخشبي ، بعثروا كيانها دون  اعتبار لشيء ولولة ، وصراخ تلازما مع لم شعث دون أن يهتم لها احد ..
لكن الأهم أنهم  اقتلعوا  العمود عن موضعه
لا تدرى كيف عادت إلى منزلها بما تبقى من منتج فقدت أغلبه حزينة يائسة كأن عائلها ما مات  وفارقها سوى هذه الساعة.
لا مبالاة ذات وقع أشد واجهتها من نبتتين رعتهما طويلا بلغ حد ارتياح
إن لم يكن حد شماتة ..أذهلها جحود ،ونكران ، وما أسعفتها كلمات احتجاج تواكب ما اعتراها من سخط ، وحنق ، فانغلقت على نفسها بدموع تركتها تنساب في خطوط متعرجة على وجنتيها دون أن تنفضها
هدأت أخيرا، لجأت إلى ركن بقاع منزلها ، قد عزفت عن الطعام ..
كلمات انسابت من النبتة الأكبر :  آن لك الخلود إلى الراحة بعد طول عناء ، فقد اشتد عود النبتتين ,وان هناك طالبًا يد ابنتها ..
أيضا هناك من يخطب ودها من جيرانهم متنكبا  ذات السياق لتحل عليهم كزوجة
كلمات ابنها تأتى إليها من واد سحيق بعيد بعد ذلك الزمن القديم، مذ اتخذت من العمود الخشبي المهمل موضعا لعرض منتجاتها ..
منذ أن فارقها العائل الأوحد  ، وتكفلت بإعالة أسرتها  دون تمد يدًا لأحد فلم تعقب
أخذ منها الحنين كل مأخذ
تسللت من منزلها بعد أيام لتتفقد الموضع الأحب إليها ..
ذهلت ,إذ  رأت عمودًا  حديديًا انتصب بذات الموضع امتدت أسلاك كهربية ,إلى جواره كومة في ملابس قشيبة  في داخلها امرأة تبيع جبنا ، وعسلا